البشبيشي: نجاح الإخوان لم يكن في إقامة دولتهم.. بل في تفكيك الدول وإضعافها

قال طارق البشبيشي، الباحث المختص في شؤون الجماعات المتطرفة، إن قراءة تاريخ جماعة الإخوان لا تنحصر في معيار «الفشل أو النجاح» التقليدي، مشيراً إلى أنّ السؤال الحاسم هو: لماذا أنشئت الجماعة ومن الذي دعّمها؟

وأضاف البشبيشي، في تصريح خاص، أنه يحترم آراء الزملاء والباحثين الذين يرون أن تجربة الجماعة فاشلة بعد ما يقرب من مئة عام من التأسيس، ومرورها بمنعطفات من النكبات والسجون والتشريد. لكنّه رأى أن هذه المعطيات لا تكشف عن كل الحقيقة، لأن الهدف الأصلي الذي وُضعت الجماعة لأجله يغيّر معيار التقييم.

وأوضح الباحث أن «الذي أنشأ الجماعة حدد مهمتها في إضعاف الدول التي تتواجد بها وزرع الفرقة والفتن داخل المجتمعات العربية، وخصوصاً مصر، كهدف استعماري واستراتيجي قديم قائم حتى الآن»، لافتاً إلى أن نجاح الإخوان يجب قياسه بمدى تحقيق هذا الهدف لا بمدى قدرتهم على إقامة «دولة إخوانية» بالطريقة المعلنة.

وأشار البشبيشي إلى أنّه «بلا شك الشيطان كان غبياً أعماه غروره حتى كان مصيره اللعنة والطرد من رحمة الله»، مستشهداً بالتشبيه لتوضيح أن مهمة التنظيم ليست بالضرورة الانتصار الظاهر، بل إحداث تمزق واستنزاف في مؤسسات الدول. وأضاف: «هنا نكتشف أن الجماعة نجحت بصورة مذهلة في تحقيق المهمة التي أوكلت إليها… نجاح الإخوان ليس في إقامة دولتهم، لكن نجاحهم الحقيقي في تفكيك الدول واستنزاف مواردها وإضعافها، ونجحوا في ذلك نجاحاً مبهراً».

تلقى تصريح البشبيشي تفاعلاً بين خبراء وسياسيين، إذ يثير الطرح جدلاً حول كيفية إعادة تعريف أدوات المواجهة والإستراتيجية الوطنية تجاه التنظيمات التي تُسند أدواراً لا وطنية، بحسب وصفه. كما أعاد التصريح التأكيد على أن تقييم منظّمات كهذه يستلزم فهم السياق التاريخي لمنشئها والداعمين لها، وليس الاكتفاء بقراءة نتائجها الظاهرة فحسب.

ويُعتبر الملف الإخواني من أكثر القضايا إثارة للجدل في المشهد السياسي العربي، لا سيما في مصر، حيث تتقاطع القراءات الأمنية والسياسية والاجتماعية حول طبيعة التهديد وأساليب معالجته. تصريح البشبيشي يضع سؤال الهدف والغاية في صلب النقاش مجدداً، ويدعو إلى إعادة النظر في أدوات القياس المتبعة عند الحكم على مثل هذه الحركات.